ثقافة روايات تونسية نقشت في الذاكرة : من الدقلة في عراجينها الى التوت المرّ
"الهيفاء وسراج الليل" لصالح السويسي القيرواني هي أول رواية تونسية مرّ على صدورها أكثر من القرن، حيث نشرت تباعا بمجلّة خير الدين سنة 1906، ومنها انطلق تاريخ الرواية التونسية، فجاءت روايات علي الدوعاجي (1909 -1949)، ومحمود المسعدي (1911 – 2004)، والبشير خريّف (1917 – 1983) وغيرهم ممن تركوا بصمتهم في عالم الرواية التونسية .
تاريخ حافل بالعناوين، ومع ذلك شهدت الرواية التونسية مخاض عسير حيث استغرق صدور أول رواية في كتاب قرابة النصف قرن وهي رواية " من الضحايا" لمحمد العروسي المطوي، ومرت الرواية التونسية بمرحلتين مرحلة ما قبل الاستقلال حيث كانت الروايات تصدر في الصحف والمجلات ومرحلة صدورها في كتب مستقلة بعد الاستقلال.
وتعج المكتبة التونسية بروايات هامة منحت كتّابها الخلود وصنعت لهم مجدا عريقا، ورغم أن العدد الجملي للروايات التونسية يعدّ ضئيلا نسبيا مقارنة بالروايات العربية والعالمية فإن منها من جلب اهتمام النقاد، و من أبرز الروائيين الذين استقطبوا النقاد أكثر من غيرهم نجد على رأس القائمة محمود المسعدي والبشير خريف.
ومن بين الروايات التي أصدرت قبل الاستقلال ونشرت على أعمدة المجلات والجرائد، نذكر رواية "الساحرة" للصادق الرزقي" والتي نشرها بين سنتي 1910 و1915، واعتبر المؤرخون أن أول رواية حاكت الواقع التونسي هي "طوماس" لسليمان الجدوي والتي نشرت بجريدة "مرشد الأمة" سنة 1910.
وكانت أول رواية بالمعنى الحقيقي لعلي الدوعاجي وعنوانها "جولة حول حانات البحر المتوسط"، وصدرت في عام 1935، وقد شارك الدوعاجي الكتابة الروائية في تلك الفترة كتاب آخرون منهم زين العابدين السنوسي مؤلف الرواية التاريخية "قناة الجمر"، وقد كان لمحمود المسعدي دور كبير في تطور الرواية التونسية، إذ أصدر عدة أعمال في الفترة من 1939 وحتى 1945 ، ومن أشهر أعماله "السد" التي صدرت بمقدمة لعميد الأدب العربي طه حسين.
وفي سنة 1944 أخذ محمود المسعدي في نشر أجزاء من عمل سردي طويل وسمه ب "حدث أبو هريرة قال" ولم يصدر هذا الأثر كاملا إلا سنة 1973.
وحسب النقاد المهتمين بتاريخ الرواية التونسية فان الظهور الفعلي للرواية ارتبط عمليا بالاستقلال، لتتالى اثر ذلك الروايات لكن بشكل محتشم، وتثبت الأرقام والاحصائيات أنه صدر منذ الاستقلال الى سنة 1980 ثلاث وأربعين رواية، ثم ازدهرت الرواية في الثمانيات حيث صدر ثلاث وخمسون رواية وتضاعف العدد في التسعينات من القرن الماضي ليصل مائة وخمسون رواية..
روايات في الذاكرة
"حدث أبو هريرة قال" - لمحمود المسعدي
وهي رواية تترجم الأفكار الفلسفية الوجودية للكاتب التونسي محمود المسعدي، نشرت سنة 1973 عن الدار التونسية للنشر، وقد بث فيها الكاتب أفكاره الفلسفية الوجودية من خلال البطل أبو هريرة معتمدًا على لغة مكثفة وقديمة، واعتبرها الناقد توفيق بكار أهم مغامرة روائية في القرن العشرين واختيرت كتاسع افضل 100 رواية عربية من اتحاد الكتاب العرب. نسبها بعض النقّـاد إلى الأقصوصة تارة وإلى الحديث الأدبي تارة أخرى.
"الدقلة في عراجينها" - للبشير خريف
"الدڤلة في عراجينها" كتبها البشير خريف عام 1969، تعتبر من أطول الروايات التونسية من حيث عدد الصفحات.
قسم الكاتب روايته إلى 3 أجزاء يتبعها بطابع تسجيلي انتقادي، بمعنى أن عديدا من الشرائح الاجتماعية تتعرض لاستغلال الإقطاع ومن هنا جاءت الرؤية الاجتماعية لدى الكاتب رهينة مفهوم الإطار الفكري المتكئ على الانتساب الحزبي والإيديولوجي الماركسي كمعين اشتهر ذلك الوقت، لحل المعضلات وتجاوز الأزمات وتذليل العراقيل والمعوقات، كما امتزج بخليط من المؤثرات الأجنبية وتتجلى لنا ملامح هذه الرؤية معًا كلما أوغلنا في عالمها الفسيح خطوة خطوة.
"التوت المر" - لمحمد العروسي المطوي
"التوت المر" هي رواية اجتماعية من النوع الواقعي ذات طابع اجتماعي للأديب التونسي المعاصر محمد العروسي المطوي صدرت عام 1967 في 214 صفحة وتروي صراع ثلّة من الشباب الوطني ضد ما كرسه المستعمر من آفة تعاطي التكروري والمتاجرة به، وقد لاقت الرواية نجاحًا كبيرًا، حيث تم اختيارها ضمن أفضل مائة عربية، كما تمت ترجمتها إلى لغات أخرى من بينها الإسبانية في سنة 2006.
"سهرت منه الليالي" - لعلي الدوعاجي
وهي مجموعة قصصية من أشهر ما كتبه الأديب التونسي علي الدوعاجي، وقد جاء عنوانها من عنوان محمد عبد الوهاب وقد جمعها عز الدين المدني من الجرائد والمجلات القديمة وأصدرها عام 1969 مع مقدمة إضافية، وتتميز عن غيرها من القصص بالنقد البناء الذي يبرز من خلال نقل الواقع المعيشي، وقد تم اقتباس عملين فنيين عن هذه القصة وهما شريط سينمائي بعنوان "في بلاد الطررني" ومسرحية بعنوان "سهرت"، وعدد صفحات الرواية 127.
"ليلة السنوات العشر" - لمحمد صالح الجابري
ليلة السنوات العشر وهي رواية تونسية ألفها الكاتب التونسي محمد صالح الجابري سنة 1982 تم اختيارها بين أفضل مئة رواية عربية وتحوي 275 صفحة، وقد تم تحويلها إلى فيلم سينمائي وتحكي الرواية عن قصة كفاح الشعب التونسي أيام الاستعمار الفرنسي.